زمن الاختلاف / مشرف حسن حسين
عن العرباض بن سارية رضي الله عنه قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : (( إن منه يعش منكم بعدي فسيرى اختلافا كثيراً فعليكم بسنتي وسنة الخلفاء الراشدين المهديين من بعدي تمسكوا بها وعضوا عليها بالنواجذ وإياكم ومحدثات الأمور فإن كل محدث بدعة )) رواه أهل السنن وصححه الترمذي
إن هذا الزمن الذي نعيشه هو زمن الاختلاف في جوانب مختلفة وشئون متعددة دون شك في ذلك فبمقارنة ما نحن عليه بما كان عليه السابقون الأقربون والأبعدون نرى بونا شاسعا ونلمس اختلافا واضحاً في شتى الميادين المادية والمعنوية ، فمن الذي لا يرى التغير الكبير الذي طرأ على مختلف المجتمعات في المراكب والمساكن وظهور الأجهزة الحديثة والتقنيات المتقدمة السلمية والحربية وهي تغيرات محمودة إذ أن أساسها العلم الذي يدعو إليه الإسلام ويحث على طلبه ولا يعارض التقدم في مختلف المجالات التي ينشأ عنها خدمة البشرية إلا أن القرآن الكريم أنبأ وأشار إلى أن هذا الاختلاف والتطور هو إيذانا بقرب زوال الدنيا وانتهائها قال الله تعالى : (( إِنَّمَا مَثَلُ الْحَيَاةِ الدُّنْيَا كَمَاء أَنزَلْنَاهُ مِنَ السَّمَاء فَاخْتَلَطَ بِهِ نَبَاتُ الأَرْضِ مِمَّا يَأْكُلُ النَّاسُ وَالأَنْعَامُ حَتَّىَ إِذَا أَخَذَتِ الأَرْضُ زُخْرُفَهَا وَازَّيَّنَتْ وَظَنَّ أَهْلُهَا أَنَّهُمْ قَادِرُونَ عَلَيْهَا أَتَاهَا أَمْرُنَا لَيْلاً أَوْ نَهَارًا فَجَعَلْنَاهَا حَصِيدًا كَأَن لَّمْ تَغْنَ بِالأَمْسِ كَذَلِكَ نُفَصِّلُ الآيَاتِ لِقَوْمٍ يَتَفَكَّرُونَ )) سورة يونس آية 24
فهل قرع هذا النبأ آذان الغافلين ونبّه ضمير المعرضين فجعلوا من الدنيا وسيلة لا غاية ومضمارا للفوز في النهاية .
أما الاختلاف المعنوي والذي هو محور ارتكاز هذه المقالة فالمقصود به الاختلاف في الأخلاق والسلوك والطباع والعادات لقد أثر انفتاح العالم بعضه على بعض تأثيرا وأضحاً على أخلاقنا أدى إلى عدم المبالاة والتخلي بكل سهولة عن المباديء الكريمة والأخلاق النبيلة فلا ترى في بعض المجتمعات احتراما للحقوق ولا اعترافا بالواجبات ولا تحملاً للمسئوليات ، فلا إفشاء للسلام ولا توقير للكبار مع انعدام الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر والبر والصلة والتعاون على البر والتقوى وحلَت محلها الأنانية وحب الذات وتقديم المصالح الخاصة فلا تجد علاقات قائمة إلا ما كان مبنيا على النفعية المتبادلة ولا تجد احتراما إلا لأهل النفوذ والجاه إلا ما رحم الله .
وفي السلوك تجد كثيرا من الشباب قد تخلوا عن عاداتهم الحسنة مقلدين لشباب منحلين ليس لهم دين ولا كرامة ولا يهتمون بالشرف والأخلاق ولا يقيمون وزنا للمروة والغيرة فتجد كثيرا من الشباب يأكل بالشمال ويلبس السلسال ويضيق البنطال ويتسكع في الطرقات ذات الجنوب وذات الشمال ليس لهم هدف سامي ولا فكر متنامي لا منفعة عليهم معقودة ولا فائدة منهم منشودة .
لقد عم الاختلاف في كل شيء حتى في المبادئ والأفكار وبهذا تتحقق معجزة المصطفى صلى الله عليه وسلم الذي لا ينطق عن الهوى : (( إنه من يعش منكم بعدي فسيرى اختلافاً كثيراً )) ثم يضع صلى الله عليه وسلم العلاج (( فعليكم بسنتي وسنة الخلفاء الراشدين المهديين من بعدي تمسكوا بها وعضوا عليها بالنواجذ وإياكم ومحدثات الأمور فإن كل محدثة بدعة ))
إننا إذ نلمس هذا الاختلاف على المستوى العام فإنني اترفع بشباب مجتمعنا الخاص عن كل سلوك مشين وأثق بأنهم على قدر كبير من محبة الرسول والتمسك بوصيته صلى الله عليه وسلم وأدعو الله أن يصلح شباب المسلمين في كل مكان وزمان .
كتبه / مشرف بن حسن غفر الله ذنبه